السبت، سبتمبر 24، 2011

بغداد:لماذا سقطت بغداد.. رغد الراقصة الزرقاء تجيب و أحمد منصور مذيع الجزيرة يعبر عن رأيه



قصة سقوط بغداد:لماذا سقطت بغداد.. وهل كانت القيادة العسكرية لاتمتلك اية خبرات عسكرية محترفة ؟
رجال بوش بدأوا يرتبون للحرب ويضعون خططها بعد احداث 11 سبتمبر
من المقرر ان يصدر فى منتصف اكتوبر الجاري من الدار العربية للعلوم وداري حزم فى بيروت والمكتب المصرى الحديث فى القاهرة فى آن واحد اول كتاب بالعربية عن قصة الحرب الامريكية ضد العراق للاعلامى المعروف احمد منصور مقدم البرامج فى قناة الجزيرة الفضائية، ويتميز الكتاب بأنه يروي القصة من معايشة الكاتب لاحداثها كما يقرنها بكم كبير من المعلومات من مصادر مختلفة ومن مقابلات ومشاهدات خاصة اشار إلى كل منها حينما يوردها.
ومما ساعد الكاتب على تقديم رواية خاصة للقصة كما يشير الى عدة أشياء من اهمها انه كان من ركاب طائرة الخطوط الجوية البريطانية التى كانت اخر طائرة دخلت المجال الجوى الكويتى ليلة الثاني من اغسطس عام 1990، ومن ثم فقد عايش الغزو العراقي للكويت وبقى فيها اكثر من خمسين يوما، كما رصد معاناة الشعب العراقي تحت الحصار بعد ذلك وكان من اواخر الصحفيين الذين خرجوا من بغداد قبيل اندلاع الحرب فى مارس 2003 ورصدها من الدول المجاورة لاسيما سوريا و تركيا، كما عاد الى بغداد تحت الاحتلال واستطاع ان يجوب مدنها من شرقها الى غربها وكتب عن بغداد تحت الاحتلال ووثائق الدولة التى تباع على قارعة الطريق وانفرد- كما يقول- بمقابلات مع شخصيات تنتمي للمقاومة العراقية وكتب فصلاً عن المقاومة ومن يقف وراءها كما كتب قصة مقتل عدي وقصي ابني صدام حسين حيث كان هناك وكتب كذلك عن رجال صدام ثم قدم رؤية عن مستقبل التواجد الامريكي البريطاني فى العراق.

ومما أضفى تميزاً على الكتاب أنه كتب بصياغة قصصية ذاتية تعتمد على المشاهدة والرواية، وفى قراءة سمح بها الكاتب والناشر للكتاب الذى يقع فى اكثر من مائتى صفحة من القطع الكبير قبيل صدوره نحاول استعراض اهم الأفكار والمعلومات التى يتناولها حيث يبدأ احمد منصور روايته للقصة من الكويت وتحديدا ليلة الثانى من اغسطس عام 1990 حيث يقول فى الفصل الأول الذى وضعه تحت عنوان «الطريق الى بغداد» لم يكن ضابط الجوازات فى مطار الكويت الدولى يدرك ولم اكن ادرك انا كذلك انى ربما اكون اخر مسافر يدخل الى الكويت ليلة الثانى من اغسطس عام 1990، وان ختم الدخول الذى ختم به جواز سفرى ربما لن يتمكن من تغييره بعد دقائق من الأول الى الثاني من اغسطس ليختم به جواز أي مسافر قادم بعدى، وان الثاني من اغسطس عام 1990م سيصبح يوما له تاريخه ليس لدى الكويتيين فحسب وانما لدى العرب جمعيا.
كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة ليلاً ليلة الثاني من اغسطس عام 1990م حينما هبطت فى مطار الكويت الدولى طائرة الخطوط الجوية البريطانية القادمة من كراتشي، وقبلها من كولالمبور- كما اشارت تقاريراخرى- في طريقها الى لندن عبر الكويت وكان حظى انى كنت احد ركاب هذه الطائرة القلائل الذين هبطوا منها ودخلوا الى الكويت، بينما كان معظم ركابها- الذين اخذوا بعد ذلك رهائن الى بغداد بعد استيلاء القوات العراقية على المطار ثم على الكويت- فى طريقهم الى لندن، ثم يتناول بعد ذلك التطور الدراماتيكى للأحداث منذ دخوله الى الكويت ليلة الثانى من اغسطس ومعايشته لكل ما وقع فى الكويت حتي خروجه عن طريق بغداد بعد اكثر من خمسين يوما قضاها فى الكويت ويكاد وصف الاحداث يركز على الجوانب الانسانية والمشاعر النفسية حتى يصل الكاتب الى لحظة الخروج من الكويت عبر حافلة كانت تقل آخرين غيره.
انطلق بنا الباص من الكويت عند الغروب فى العشرين من سبتمبر عام 1990م ووصلنا الى بغداد عند شروق الشمس، كان عدد ركاب الباص لايزيد عن اربعة عشر راكباً من جنسيات مختلفة بينهم خادمات سيلانيات وهنديات وموظفون مصريون وسوريون واردنيون واذكر احد المدرسين المصريين وكان رجلاً قد اقترب من الستين اعجبته ملاحة خادمة سيلانية رغم سمرتها وكانت تتكلم العربية المكسرة فظل يلاطفها ولا يخفى اعجابه بها حتى عرض عليها الزواج بعد عدة ساعات وهى تتمنع وانا ارقب الموقف بطرافته مع غيري من الركاب واعرف انه سوف ينتهى عند الحدود العراقية الاردنية.
وموظف آخر فقد كل مدخراته بعد عشرين عاماً من العمل فى الكويت كان يجهر بشتيمة صدام حسين ونظام حكمه وكان آخر يبدو أنه كان صديقاً له يجلس الى جواره مرعوباً يكتم فمه بيده كلما سب صدام او شتمه فتضيع الشتيمة بين فمه ويد صاحبه الموضوعة عليه، فكنت ارقب ما حولي دون تعليق وكأنى اشاهد مسرحية حيَّة كنت انا المشاهد الوحيد لها، بعد الظهر وصلنا الى الحدود العراقية الاردنية وبعدما انهيت اجراءات سفري خرجت بسرعة لأنه لم يكن معى سوى حقيبة يدى، ركبت حافلة اخرى الى الحدود الاردنية التى كانت تبعد آنذاك حوالى سبعين كيلو متراً عن الحدود العراقية، ومن هناك اخذت حافلة اخرى الى عمّان ومنها اخذت الطائرة الى دبى.
حياة بائسة
ثم يفاجئنا الكاتب أنه تذكر هذابعد عشر سنوات حيث كان فى طريقه الى بغداد فى اغسطس من العام 2000م فى اول رحلة يقوم بها إليها بعد خروجه من الكويت عبرها قبل عشر سنوات ويشير إلى لقائه مع عدى صدام حسين حينما علم بوجوده لكنه يصف وصوله الى بغداد هذه المرة قائلاً: وصلت بغداد عند الغروب، وكان اول شيء فعلته هو تبديل العملة فوجدت الدينار العراقى الذي كان يساوى اكثر من ثلاث دولارات قبل غزو العراق للكويت فى اغسطس عام 1990م قد هوى الى الدرك الاسفل فى اغسطس عام 2000م واصبحت قيمة الدولار الواحد تساوى 2200دينار عراقى، وكان متوسط الرواتب آنذاك بين سبعة الاف وعشرة الاف دينار اى بين ما يساوى ثلاث الى خمس دولارات فى الشهر، ولنا ان نتخيل حياة الناس الذين كان دخلهم يساوى دخل الخليجيين قبل 2 اغسطس 1990م فقد كان البؤس يسيطر على حياة الجميع، ولم اتخيل مطلقا كيف يعيش رب أسرة فيها خمسة اولاد بخمسة دولارات في الشهر حتي لو كان يأخذ ما يسمى بالبطاقة التموينية من الحاجات الأساسية من الطعام من الدولة لذلك كان الجميع يركض بالليل والنهار من أجل البحث عن لقمة العيش وحتى يسد ما يمكن ان يسد رمقه ورمق اولاده ويكفي عائلته ذل المسألة لاسيما وان النفسية العراقية نفسية كريمة ومعطاءة وإهانة الكريم من أشد صعوبات الحياة على الانسان، لذلك كان من الصعب ان تجد بشاشة او حتى راحة على وجه احد من الناس فى تلك المرحلة، هذا علاوة على الضغوط الأخرى التى تملأ حياة الناس فقد كانت حياة العراقيين بائسة بكل المعايير فى ظل الحصار وفى ظل حكم صدام.
دموع في شارع المتنبي
مشيت فى الشوارع قليلا اتأمل وجوه الناس المنهكة والمتعبة، احاول ان اقرأ فيها ما لم اقرأه فى صفحات الكتب والصحف التي تناولت حياة العراقيين تحت الحصار، الحصار الخارجي وحصار النظام عليهم لاسيما واني عشت شهراً كاملاً تحت الحصار فى سراييفو حينما كانت تحت الحصار الصربي وسجلت مشاعر الناس هناك في كتابي «تحت وابل النيران فى سراييفو» إلاَّ ان الوضع في كل مكان يختلف عن الآخر، ولعل لكل إنسان مشاعره واحاسيسه وظروفه وحياته التي تختلف ولو جزئياً عن الآخر, العراق كان يعتبر من الناحية التاريخية من اطول الدول التى وقعت تحت الحصار حيث تعرض شعب كامل لحصار طويل إمتد الى ما يقرب من ثلاثة عشر عاما لم يذق ويلات الحصار الحقيقية فيها إلاَّ الشعب المسكين، بينما كان النظام ورجاله ينعمون بالحياة الرغدة، كما ان مصاصي الدماء من التجار الجشعين يجدون في مثل هذه الحالات فرصة تاريخية للثراء الفاحش، وكما تتضخم ثروات تجار السلاح من وراء الحروب تتضخم كذلك ثروات التجار الجشعين من وراء الحصار الذى كان يعانيه الشعب ومنها ما عاناه الشعب العراقى طوال ثلاثة عشر عاما تحت الحصار.
ثم يواصل الحديث عن حياة العراقيين تحت الحصار بتفصيلات معلوماتية كثيرة حتى يصل الى شارع المتنبى شارع الكتب والمكتبات حيث يفرد فصلا لحياة العراقيين تحت نظام حكم صدام حسين ويقول: «مشيت فى شارع المتنبى الى نهايته وأنا احاول أن اجمع اطراف نفسى، ووقفت امام احدى المكتبات وسألت البائع عن بعض الكتب التى اريدها عن مراحل تاريخية حديثة للعراق، ودار بينى وبينه نقاش من يعرف ماذا يريد تحديدا دون حاجتى لكتب اخرى مما يسعى البائعون عادة لعرضها على المشترين.. اثناء ذلك اقترب منى احد الذين كانوا يقلبون فى الكتب مثلي واعتقد انه كان ينصت لحديثي مع البائع اكثر من انشغاله بالكتب التى كان يقلب فيها وهمس فى اذنى قائلا: استاذ... كل ما تبحث عنه من كتب متوافر لدي فأرجو ان تتبعني بهدوء الى الخارج، سألت الرجل هل انت بائع او ناشر هنا؟ قال هو يخفي وجهه حياء ويتحدث بصوت لا يكاد يسمعه سواي: لا ياسيدى، انا استاذ جامعي وكاتب، ولكن ما فائدة الكتب لدي وانا لا اكاد اجد ما اطعم به أولادى، ومكانتى فى المجتمع لا تسمح لي بأن احمل كتبي واقف بها هنا فى الشارع مثلما فعل ويفعل كثيرون من زملائي واصدقائي، لذا فإني الجأ إلى المرور هنا باحثا عن بعض الذين يبحثون عن كتب بعينها مثلك ولا يجدونها، فاعرض عليهم بعض ما لدي علي استطيع من خلال ذلك ان ادبر بعض حاجات ابنائى من خلال بيع بعض كتبى، قلت له متسائلاً وانا اعرف معزة الكتب عند اهلها: أليس هناك وسيلة اخرى تحصل بها على المال وتحفظ من خلالها كتبك، فمن المؤكد انك بحاجة اليها؟ قال: ان معظم زملائي يعملون فى اكثر من وظيفة غير الجامعة حتى ان بعضهم يعمل سائق تاكسى بعد انتهاء عمله حتى يدبر أمر معيشته ومعيشة اسرته، وبعضهم يحاول ان يعمل بالتجارة او فى عمل مسائي، لكن هناك آخرين وانا منهم لا نحسن سوى عملنا، والحياة بين الاوراق والكتب والطلبة والصفوف الدراسية، ولكن ماذا نفعل وقد جارت علينا الأيام، لقد سجنتنا امريكا من الخارج وسجننا النظام من الداخل، واصبح الخوف يطاردنا حتى فى احلامنا، ولكن المصيبة أنه وكأن أحداً من العرب لايدري ماذا حل بنا، لماذا لا يكسرون هذا الحصار فيحررونا من سجن امريكا وسجن النظام حتى نعود آدميين مثل البشر، وها نحن نضطر لبيع أغلى ما نملك لا لشيء وإنما من اجل ان نعيش... صمت الرجل قليلاً وأنا اتعجب لجرأته في مثل هذه الأجواء ثم سألنى قائلاً: هل سترافقنى لتحصل على ما تريد من كتب؟ لم استطع ان اتكلم فقد كنت مخنوقاً.. أعاد الرجل سؤاله عليَّ فلم استطع أن اتكلم.. لم استطع أن اتكلم لأن الدموع وحدها هى التى اصبحت تتكلم فى شارع المتنبى.
اجواء ماقبل الحرب
بعد ذلك يتحدث عن التهديدات الامريكية للعراق وفى زيارة أخرى قام بها إلى بغداد فى نوفمبر من العام 1002م يروي تفاصيل أخرى جديدة ثم يتابع تفصيلات التهديدات الامريكية للعراق حيث اصبح العراق هدفاً امريكياً بعد احداث الحادى عشر من سبتمبر وكيف بدأ رجال بوش يرتبون للحرب ويضعون خططها، ثم يفرد عدة فصول عن الأجواء التى سبقت الحرب سواء من حيث المعارضين لها ويتناول عرضا لفيلم (عصابات نيويورك) الذى حرص مخرجه سكور سوزى على ان يعترض على الحرب بطريقته، او وزير الخارجية باول الذى قرر ارتداء بزة الحرب وانضم للصقور رغم محاولته الظهور بغير ذلك، ومن تركيا رصد الكاتب الموقف التركى بشكل مفصل حيث التقى مع مسؤولين اتراك شرحوا له ابعاد الموقف التركى من الحرب، ومن بغداد رصد احمد منصور حالة بغداد قبيل السقوط فقال «مشيت فى شوارع بغداد القديمة قبيل الحرب اطالع وجوه العراقيين المتعبة، والقلقة والمترقبة للحرب، الحياة تبدو شبه عادية كما كنت اراها في مرات زياراتي السابقة لبغداد خلال السنوات الماضية غير ان المتاريس واكياس الرمال والخنادق منتشرة هذه المرة فى شوارع المدينة بشكل كبير والكل يترقب الحرب فى أية لحظة كما قال لى احد المسؤولين العراقيين، مبنى وزارة الاعلام تحول الى مايشبه الثكنة الاعلامية حيث نصبت عشرات الأطباق والخيام لمراسلى وكالات الأنباء والصحافة والتليفزيونات العالمية، وعشرات الصحفيين والمصورين يجوبون الشوارع يصورون اى شيء وكل شيء حتى ان طفلاً كان يغرس وردة فى كومة من التراب وجدت اكثر من مصور، كل منهم يصوره من زاوية علّه ينقل صورة من صور ترقب الناس فى بغداد للحرب عبر وردة يزرعها طفل فى كومة من التراب.
في انتظار المجهول
أسوأ شيء فى الحياة ان تنتظر مجهولاً تعرف انه سيئ بل ربما يكون أسوأ شيء فى الحياة، لكنك لا تستطيع ان تحدد حجم او مقدار ما يحمله من سوء ودمار، وهل هناك اسوأ من الحرب؟! لقد قمت بتغطية ثلاثة حروب سابقة وأعرف الأهوال التي يعيش فيها الناس قبل واثناء وبعد الحرب«فالحرب لاتحمل أى فأل حسن حتى لو كانت نتيجتها كما يدعى نظام ديمقراطيا سيكون نموذجاً لدول المنطقة لأن ما هو آت سيكون أسوأ مما هو قائم مهما كانت وعود بل اكاذيب الأمريكان» هذا ما قاله لى احد العراقيين الذين كنت اناقشهم حول النتائج المرتقبة للحرب حسب ما صرح به الامريكيون، لكنه قال لى بحماس «ربما لم نكن كشعب متحمسين للحروب السابقة التى خاضتها حكومتنا لأنها كانت بخيارنا اما هذه المرة فإن الحرب مفروضة علينا، ومن ثم فعلينا ان نحمل السلاح وان ندافع عن انفسنا» قلت له: لكن الامريكيين يقولون بأنهم يستهدفون النظام؟ قال: هم كاذبون، وانا حتى لو كنت على خلاف مع النظام ولا اقبل سياساته سوف اخرج لأقاتل، لأنى هنا أقاتل عن ارضي وعرضي وقد اصبح الشعب كله شبه مسلح الان ولا يخلو بيت من قطعة سلاح او اكثر والامر لن يكون سهلا كما يروج الامريكيون قلت له انهم يقولون انكم سوف تخرجون بالورود والزهور لاستقبالهم.. قال: هم واهمون ياسيدي فأنا ربما لا احب النظام لكنى لا احب امريكا ولن ارحب بأىٍ من جنودها بل سأقاومهم.
قصة سقوط بغداد
ويروى احمد منصور بعد ذلك قصة سقوط بغداد بشكل مطوَّل ويعيدها لمعطيات وقصص وأسباب كثيرة منها كما قال: بداية فإن القائد العام للقوات المسلحة العراقية الرئيس العراقى السابق صدام حسين ليس لديه اىة خبرة عسكرية محترفة فهو لم يقبل فى الكلية الحربية حينما تقدم لها بداية فى بدايات حياته ورفض طلبه مرتين، وكانت عقدته الأساسية حينما كان نائباً للرئيس ان الرئيس الأسبق احمد حسن البكر كان عسكريا محترفا بينما كان صدام دخيلاً على العمل العسكرى لكن صدام استطاع ان يقضي على البكر وان يتسلم منه مقاليد الحكم عام 1979م بوسائل مختلفة، وصدام حسين الذى كان دمويا ضد شعبه وضد خصومه السياسيين كان يحمل تاريخاً عسكريا ًمليئاً بالفشل مثل حربه مع إيران التي امتدت ثمانى سنوات من العام 1980إلى العام 1988م والتي قضت على ثروات العراق وآماله فى بناء نفسه، او حرب الخليج الثانية عام 1991م التى دمر فيها مقدرات العراق ووضعها تحت الحصار هى والشعب العراقى الذى حاصره بأجهزة امنية زرعت فيه الخوف، ولأنه فاشل عسكريا وغير محترف فقد وضع مجموعة من الفاشلين وشبه الأميين على رأس المؤسسة العسكرية وضرب بالتقاليد العسكرية العريقة عرض الحائط، فعين زوج ابنته السابق حسين كامل الذى كان قد هرب إلى الأردن ثم عاد وقتل بعد ذلك وزيراً لأخطر ثلاث وزارات في الدولة هى وزارات الدفاع والتصنيع الحربى والصناعة، في الوقت الذى كان فيه حسين كامل غير متعلم وشبه أمي وكل مؤهلاته أنه من تكريت وكان احد جنود الحراسة الخاصة المخلصين لصدام في فترة ما، فقام صدام بترقيته إلى أعلى المناصب متجاوزاً كل الأعراف العسكرية وغير العسكرية، كذلك علي حسن المجيد او «على الكيماوى» كما كان يسمى والذى كان قائد المنطقة العسكرية الجنوبية فى العراق والذى قاد قوات غزو الكويت وقاد الحملة ضد الاكراد وغيرها من المهمات القذرة الأخرى حتى أنه كان يحمل لقب «رجل المهمات القذرة» لم يكن سوى ضابط صف لم يحصل على اىة شهادة عسكرية، لكنه منحه رتبة فريق اول اركان حرب و«اركان الحرب» ليست لقباً او رتبة عسكرية وإنما هى شهادة يحصل عليها العسكريون بعد دراسة وامتحانات فى كليات الحرب العليا، وعادة ما يتقدمون اليها بعد الحصول على رتبة مقدم في بعض أنظمة الجيش لكن المجيد لم يحصل حتى على الأبتدائية العسكرية، ووضع فى أعلى المناصب وكان يقود رتبا عسكرية عالية قضت سنوات طويلة فى الدراسة والتمحيص العسكرى، حتى انه كان اثناء الحرب قائدا للفيلق الجنوبى الذى كان مقر قيادته مدينة البصرة يأمر لواءات وقيادات عسكرية ويدير المعركة وهو لم يتجاوز كونه ضبابط صف حتى لو منحه صدام أعلى الرتب.
أما قادة الفيالق والمناطق العسكرية الأخرى اثناء الحرب مثل عزت ابراهيم او طه ياسين رمضان فيقال ان الأول كان بائع ثلج قبل ان يترقى في درجات الحزب ويصل الى نائب رئيس الجمهورية ثم احد القادة العسكريين الستة المسؤولين عن الدفاع عن العراق، وكونه بائع ثلج سابق لا يعيبه الأمر شيئاً ولكن الحروب وقيادة المعارك العسكرية لها تقاليد ولها احترام لايجب تجاوزها اما الثانى وهو طه ياسين رمضان فكان ضابط صف فى الجيش قبل قيام الثورة عام 1986م وتم ترقيته بسبب ولائه كأحد أفراد الحرس الشخصي لصدام حسين حتى اصبح نائبا لرئيس الجمهوية يوجه كبار الضباط وهو لم يخرج من حياة كونه صف ضابط عمله ان يتلقى الأوامر من اقل الضباط رتبة حتى وإن اصبح نائب رئيس جمهورية، ولنا ان نتخيل ان بعض قادة الفرق العسكرية او اجنحة الجيش العراقي، يدركون وهم يخوضون المعركة ان الذى يوجههم ويعطيهم الأوامر شخص أمي لا يعرف القراءة والكتابة او كان حارساً للرئيس او بائع ثلج سابق او صف ضابط على أعلى تقدير كما يروي قصصاً اخرى ومعلومات وروايات رصدها من ضباط سابقين بعد زيارته لبغداد بعد السقوط، ثم يعقد بعد ذلك مقارنة بين سقوط بغداد على يد هولاكو عام 1258ميلادية وعلى يد بوش عام 2003م.
واشنطن وحرب الاكاذيب
يتناول الكاتب بعد ذلك حرب الاكاذيب التي قامت بها واشنطن ولندن من اجل شن الحرب وجحم الاكاذيب الهائل الذي فضح بعد الحرب من المسؤولين الامريكيين الذين اخذوا يكيلون الاتهامات للعراق لاسيما اكذوبة اسلحة الدمار الشامل ثم يتناول الحرب التي قامت بها واشنطن ضد الصحفيين و كيف رصد هذه الحرب قبيل اندلاع الحرب مباشرة ثم يرصد اسماء وعدد الصحفيين الذين قتلوا في العراق حتى الآن وعددهم سبعة عشر صحفيا ثم يفرد فصلا يروي فيه قصة استشهاد زميله طارق ايوب حيث حضر جنازته، ومما كتبه عن طارق ايوب: انهمرت الدموع من عيني حينما اخذني الدكتور طارق طهبوب صهر الزميل الشهيد طارق ايوب من يدي وقال لي: «تعال لأوريك وجهه بعد مضى ثلاثة أيام على وفاته بين حر بغداد والطريق»، نظرت الى وجه الشهيد طارق ايوب فوالله لكأنما أراه نائما دون اي تغير على وجهه فهذا وجه طارق الذي اعرفه كأنما أراه حيا ولكنه نائماً قرير العين مطمئنا، ناديت الاستاذ محمد جاسم العلي المدير العام لقناة الجزيرة والزميل ابراهيم هلال لمشاهدة وجه طارق فاجتمع الناس على الجثمان فلم يغضب صهره وانما قال للناس وكأنما يتباهى بزوج ابنته انظروا الى وجهه ليس عليه أي تغير او تبديل نفسه كيوم جاء لخطبة ابنتي، كما انه بعد ثلاثة ايام من الحر ولم يوضع في ثلاجة ليس له اية رائحة غير طيبة، وقد دفعني هذا الامر الى ملازمة الجثمان حتى المقبرة فقد ركبت السيارة التي اقلته بعد الصلاة عليه، وحملت نعشه حتى انزل الى المقبرة، وحينما انزل الى القبر نزع عنه الغطاء البلاستيكي الذي كانوا قد وضعوا الجسد فيه في بغداد حتى يدفن بملابسه التي استشهد فيها ولان الشظية التي اصابته من الصاروخ الذي اطلق على مكتب الجزيرة في بغداد اصابته في قلبه كما اخبرني صهره ووالده من بعد، فحينما وضع في القبر كانت الدماء تغطي قميصه وكان الدم ينضح من جرحه كأنما اصيب في هذه اللحظة فلم يكن الدم قد جف حتى على جواربه، اما قميصه فقد كان مخضبا بالدماء التي كانت لا تزال تنزف و حينما طلبت من اخيه الاصغر خليل الذي كان يسجي جثمانه في القبر مع اخرين ان يديره على جانبه الايمن فأمسكه خليل ثم رفع اليَّ يداه والى الناس فاذا بها م مخضبة بدم احمر قان رطب كانه من جرح حديث فوجدت الناس يحاول كل منه ان يمس يد اخيه خليل المخضبة بدماء الشهيد حتى يعلق بيده شيئاً من دماء الشهيد في الوقت الذي ارتفع فيه التكبير من الوقوف، فالدماء عادة ما تجف بعد ساعة او اقل أو تتجلط اما بعد ثلاثة ايام والجرح ينزف كأنما اصيب ا لان فهذا والله ما رأيته ورأه الناس»
بغداد تحت الاحتلال
يتحدث الكاتب بعد ذلك عن بغداد تحت الاحتلال الامريكي في وصف تفصيلي مما جاء فيه «بغداد التي غادرتها قبيل الحرب و هي تحت حكم عشرين جهازا امنيا دخلتها بعد الحرب، وهي لا يحكمها احد فالانظمة الامنية لم تنته فحسب وانما زالت منظومة دولة الرعب كلها، واصبح الذين كانوا يصولون ويجولون في عهد النظام السابق ويعذبون ويرعبون الناس و يفتكون بهم يبحثون عن مأوى او حتى عن لقمة خبز تسد جوعهم، وتحول العراق في يوم وليلة من جمهورية الخوف الى جمهورية الفوضى، كل شيء في الحياة فوضى، افعل ما تريد ابتداءً من مخالفة اتجاه ا لسير والسير بسيارة لا تحمل لوحات ارقام و لا تقف عند إشارات المرور ولا تحفل بها واصدم من شئت من الناس او السيارات، وقم بما شئت من سطو مسلح وسرقة و حتى قتل من تريد فلا احد هنا يلاحق احد أو يدافع عن احد او يحمي احد او ينهاك عن شيء، او يأمرك بشيء، امام عيني وعلى بعد لا يزيد عن مائة متر وفي شارع الكرادة الذي يعتبر من اكثر شوارع بغداد ازدحاما وقبيل حظر التجول الذي فرضته قوات الاحتلال الامريكية والذي يبدأ في العاشرة ليلا بحولى ساعة حيث بدأ الشارع يفرغ من زحامه هاجم مسلحون رجلا وزوجته للاستيلاء على سيارته من طراز «بي ام دبليو» حاول الرجل ا لمقاومة فكان اللصوص به رحماء فلم يقتلوه وانما فقط اطلقوا ا لرصاص على رجله وتركوه ينزف ويصرخ مع زوجته دون ان يتدخل احد من المارة لفعل شيء، وخطفوا السيارة واختفوا في لمح البصر، وقبل ان افيق من ذهولي قال لي السائق الذي كان يرافقني وهو يشد يدي الى السيارة: استاذ هيا اسرع قبل ان نتعرض للسطو وربما القتل نحن الاخرين، لم تكن هذه حالة السطو الوحيدة التي شاهدتها وكثيرا ما كنت اسمع على مدار اليوم طلقات رصاص متفرقة من شارع السعدون اشهر شوارع بغداد التجارية فكان الشباب العراقيون المرافقون لي يصيحون بصوت واحد: سطو مسلح وينطلقون بالكاميرات في محاولة لتصوير ما يحدث، في وضح النهار وعلى قرب امتار من احد اهم مراكز تجمع القوات الامريكية كذلك تعرضت السيارة التي كانت تسير خلفنا في الطريق بين عمان وبغداد الى عملية سطو مسلح قرب الفلوجة، حيث يترقب قطاع الطرق السيارات التي تمشي وحدها لقطع الطريق عليها والاستيلاء على ما يحمله الركاب، واذا كانوا رحماء يتركوا لهم السيارة، اما اذا كانوا غير رحماء فإنهم يتركوهم على قارعة الطريق، بملابسهم فقط، وبدم بارد يمكن ان يقتلوا كل من يقاوم او يعترض.
وثائق في قارعة الطريق
ثم يتحدث عن وثائق الدولة ا لتي تباع على قارعة الطريق ويتناول عددا من الوثائق التى حصل عليها والتي ضمنها ملحقاً في نهاية الكتاب، ثم يورد فصلا عن المقاومة العراقية وكيفية نشأتها ومن يقف وراءها، ومما ذكره كشاهد في هذا الجانب «كنت حريصاً في كل زياراتي ان اعرف من الذي يقود المقاومة او يقف وراءها، ورغم ان معظم الذين التقيت معهم لم يفصحوا لي عن علاقتهم بالمقاومة الا انهم على الاقل كانوا يعرفون رجالها، بل اني كنت اشعر ان من بين الذي كنت اتحدث اليهم لايسما كانوا الشباب كانوا على علاقة مباشرة بالمقاومة رغم انهم حينما كانوا يتحدثون لي كانوا يظهرون وكأنهم يتحدثون عن اناس آخرين، واستطيع من خلال قراءة تحليلية لما رأيت وسمعت ان اجزم بأن المقاومة حتى الان لا يربط بينها رابط واحد او انها تتحرك بشكل كبير منظم وانما هي مجموعات صغيرة لا تزيد اكبر مجموعة- كما ذكر لي احد الذين على دراية بها- عن خمسة عشر مجاهداً كما يطلقون على انفسهم، وهناك مجموعات لا تزيد عن خمسة مثل مجموعة نورالدين الزوبعي التي اشتبكت في معركة طاحنة مع الامريكيين واسقطت طائرة هليكوبتر في ا لفلوجة في 27مايو 2003م وهذه المجموعة تحديداً تشير إلى عنصر هام في المقاومة هي انها كانت تتكون من ثلاثة عراقيين وسعودي ويمني مما يعني وجود مجاهدين عرب ضمن صفوف المقاومة العراقية، كذلك المجموعة التي اشتبكت يوم الجمعة الاول من اغسطس 2003 في الفلوجة ايضا في معركة استمرت ساعة ونصف مع القوات الامريكية وكانوا عشرة مجاهدين استشهد منه اربعة كما اشارت كل التقارير وشهود العيان كذلك.
قصة مقتل قصي وعدي
ثم يتحدث بعد ذلك عن قصة احد ابطال المقاومة العراقية وهو نور الدين الزوبعي الذي تمكن مع ثلاثة آخرين من شن عدة معارك قوية ضد القوات الامريكية استشهد في احدها كما تمكن من اسقاط طائرة هليكوبتر في الفلوجة، وبعد ذلك يروي احمد منصور كيف ان اكبر اعضاء البرلمان البريطاني تام داليل دعا في مقابلة معه الى مقاومة المحتلين قائلاً «لو ان العراقيين احتلوا بريطانيا لقاومناهم» ثم يروي قصة مقتل قصي وعدي ومصير رجال صدام، حيث يقول «رغم زخات الرصاص التي قعقعت في سماء بغداد فور تأكيد القوات الامريكية لمقتل عدي و قصي نجلي الرئيس العراقي السابق صدام حسين في هجوم على بيت كانا يختفيان فيه في الموصل يوم الثلاثاء 23 يوليو 2003 إلاَّ اني من خلال مراقبتي لها من على سطح استوديو قناة الجزيرة في بغداد من اول طلقة الى نهايتها ومحاولتي تسمع البعيد منها طوال ما يقرب من عشرين دقيقة فإنها لم تكن بالحجم الذي يشير الى ان كل العراقيين او معظمهم قد فرح بما حدث او اقتنع او حتي كان معنيا به، فالهموم التي يعيشها الناس والحقائق المفزعة التي صحوا عليها بعد سقوط النظام جعلت مثل هذه الاحداث تهم الاميريكيين الذين صنعوها من أولها الى آخرها اكثر مماتهم العراقيين الذين يعيشون هم الجوع والخوف».
بعد ذلك يؤكد الدلائل تورط الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق ويرصد المأزق السياسي الذي يعيشه كل من بوش وبلير.
قصة سقوط بغداد كتاب جدير بالقراءة ويلقي الضوء على تفصيلات مثيرة باسلوب ادبي شيق لكنه كما قال صاحبه لايروي إلاَّ «السطر الاول من القصة».


مقتطفات من الشبكة

نجمع لكم كل ما هو مفيد و شيق و نضعه بين أيديكم

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Category 4

اعلان

احصل على القالب من عالم المدون

اعلان

احصل على القالب من عالم المدون

الأرشيف

اعلان

احصل على القالب من عالم المدون

تعريف الكاتب

هذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص أو العديد من النصوص الأخرى إضافة إلى زيادة عدد الحروف التى يولدها التطبيق

Category 5

Event more news

اخر الأخبار

Featured

اخبار عامة

اخبار

سياحة

رياضة

الطعام

فنون

Most Popular

سلايدر

فيديوهات

Featured

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

التسميات

التسميات

التسميات

اعلان

عالم المدون

صحة

الشائعة

الكاتب

authorهذا النص هو مثال لنص يمكن أن يستبدل في نفس المساحة، لقد تم توليد هذا النص من مولد النص العربى، حيث يمكنك أن تولد مثل هذا النص
المزيد →

تقنية

الصفحات

عشوائية

تابعونا على

التعليقات

فيسبوك

أخبار العالم

Popular Posts
عام